د. شريف أمين أبو شمالة
رئيس مؤسسة القدس ماليزيا
يقع المسجد الأقصى المبارك في الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس المسورة التي تسمى اليوم (البلدة القديمة)، والأقصى اسم لكل ما دار حوله السور، ويشمل جميع المصليات التي بداخله مثل الجامع القبلي (الواقع في الجهة الجنوبية) وقبة الصخرة (الواقعة في مركز المسجد) بالإضافة إلى نحو 200 معلم ومبنى تقع ضمن حدوده وهي تتوزع بين مساجد أو مصليات وقباب وبوابات ومآذن وخلوات وأروقة ومدارس وأسبلة مياه ومصاطب ومحاريب ومنابر وآبار ومكتبات.
أقيم المسجد على هضبة عالية تسمى جبل الأقصى، وتسميها الممصادر الغربية (جبل موريا)، ويشترك في حدوده الشرقية والجنوبية مع الحدود الشرقية والجنوبية لمدينة القدس القديمة. ويشغل مساحة تقدر بنحو 144 دونما (الدونم = 1000 متر مربع) وبذلك تكون حوالى سدس مساحة القدس القديمة. ومن المعلوم أن حدوده ومساحته لم تتغير على مدى العصور، وتشكل حدود (أسوار) المسجد الأقصى شبه مستطيل غير منتظم أطوال أضلاعه كالتالي:
الضلع الجنوبي: 281م
الضلع الشمالي: 310م
الضلع الشرقي: 462م
الضلع الغربي: 491م
سبب التسمية :
لفهم سبب تسمية المسجد الأقصى بهذا الاسم، يجب أن ندرك معنى كلمة (الأقصى) في اللغة العربية، وهي تعني الأبعد، وعليه فإن تسميته المسجد بالأقصى تعني المسجد الأبعد، أي أنه المسجد الأبعد عن المسجد الحرام في مكة المكرمة بالنسبة لباقي المساجد التي تشد الرحال لزيارتها.
وقيل أنه سُميَّ بالأقصى لبُعده عن الأقذار والخبائث، وهذا مأخوذ من تسميته “بيت المقدس” وهو المكان الذي يُطهر فيه من الذنوب، والمقدَّس هو المُطهَّر، وقريب منه “البيت المُقدَّس” وهو المطهر.
ملاحظات على التسمية:
- ورد اسم بيت المقدس بمعنى المسجد الأقصى في بعض النصوص التراثية والأحاديث النبوية، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ” لما كذبتني قريش، قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه”(متفق عليه) لكن هذه التسمية أصبحت لاحقا تشير إلى مدينة القدس نفسها التي يقع فيها المسجد الأقصى وخصوصا في عهودها الإسلامية.
- تطلق بعض الكتب اسم الحرم القدسي أو الحرم الشريف على المسجد الأقصى المبارك، ويرى كثير من العلماء أن هذه تسمية خاطئة لأن الأقصى ليس حرما بالمفهوم الشرعي، إذ يجوز الصيد فيه، وقطع شجره، وكذلك لقيطته، وليس هناك حرم سوى المسجد الحرام (الحرم المكي)، والمسجد النبوي (الحرم المدني).
- يطلق البعض الآخر اسم المسجد الأقصى على الجامع القبلي الواقع في الجهة الجنوبية وهذا أيضا من الأخطاء، لأن الجامع القبلي جزء من المسجد الأقصى وليس المسجد الأقصى نفسه، وهو –أي القبلي- بمثابة قاعة الصلاة المسقوفة الرئيسة. وأكثر من يستخدم هذه الخطأ عن قصد وتعمد هو الاحتلال الصهيوني لإيهام العالم والتدليس عليه بأن ما يقوم به من انتهاكات واقتحامات لساحات المسجد الأقصى إنما تحدث في منطقة مجاورة للأقصى وليس في المسجد الأقصى نفسه، فيسهل عليهم حينها الاستيلاء على أجزاء من المسجد الأقصى، وفي سبيل ذلك أصدرت بلدية القدس الاحتلالية قراراً باعتبار ساحات المسجد الأقصى “ساحات عامة” مما يسمح لها ببسط سيطرتها عليها والتحكم فيها كمرافق عامة تتتبع البلدية.
- يسعى الاحتلال الصهيوني بقوة إلى تغييب اسم المسجد الأقصى، ويفرض حاليا تسمية “جبل المعبد” على مكان المسجد الأقصى وذلك من خلال الصحافة والمطبوعات التي يصدرها أو عبر المواقع الإلكترونية، وللأسف حتى اللحظة (25/3/2018) يطلق موقعGoogle Map بالانجليزية اسم Temple Mount على المسجد الأقصى، وهذا تزييف للحقيقة، يستدعي تحركا تجاه هذا الخطأ المقصود.
