المرابطون، أو المرابطون والمرابطات، أو مرابطو الأقصى، اسم يطلق على مجموعات وأفراد من سكان مدينة القدس وضواحيها، ومن الفلسطينيين القادمين من مناطق 1948 المحتلة، وقد كرسوا أنفسهم وأوقاتهم للمكوث في المسجد الأقصى أو على بواباته والتصدي لقوات الاحتلال والمتطرفين الذين يقتحمون المسجد ويدنسوه. ينتمي المرابطون إلى أجيال وخلفيات سياسية وثقافية مختلفة، جمعهم حب الأقصى والدفاع عنه، فترى منهم الشيوخ والشباب والسيدات والعجائز، ويضاف لهم طلبة حفظ القرآن والدروس الشرعية على مصاطب الأقصى.
مفهوم الرباط، وأصوله في الأقصى
أصل الرباط هو الإقامة في المكان وعدم مغادرته، في اللغة العربية، رابط الرَّجلُ في المكان: أي أقام فيه ولم يغادرْه، وعليه يعرَّف الرباط بأنه الإقامة في الثغور التي يخاف فيها هجمات العدو، من أجل تقوية المسلمين والدفاع عنهم وحمايتهم، ويكون عادة في المناطق الحدودية، وللرباط فضل كبير في الإسلام، فهو أحد أشكال الجهاد في سبيل الله، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها”. (صحيح مسلم)
ومنذ القرن الأول الهجري/ السابع ميلادي، اعتاد المسلمون على ملازمة المسجد الأقصى، حتى أن عددا كبيرا قد غادروا أوطانهم وجاءوا إلى بيت المقدس للإعتكاف في الأقصى، وليدفنوا في جواره، ولعل أقدم ما ورد من أمثلة، الصحابي شداد بن أوس (ت: 64هـ/683م)، والصحابي ذو الأصابع الذي انتقل للعيش مجاورا للمسجد الأقصى، يقول: “قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: “عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ”. (صحيح: مسند الإمام أحمد) ولم تنقطع من بعدهم حركة الاعتكاف والمرابطة في الأقصى على مر القرون التالية، عدا فترة الحروب الصليبية حين احتل الأقصى كاملا وتم تحويله إلى كنيسة ومقار للجنود الصليبيين، وتتفرق في كتب التاريخ والتصوف والتراجم إشارات عمن أقاموا في الأقصى ونذروا أنفسهم للصلاة والاعتكاف فيه.
نشأة حركة المرابطين وتطورها.
بعد اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني شارون للمسجد الأقصى، اشتعلت انتفاضة الأقصى عام 2000م، ثم بادرت الحركة الإسلامية في الداخل بقيادة الشيخ رائد صلاح، بالتفكير في ضرورة حماية المسجد الأقصى وعمارته بالمصلين على مدار الساعة حتى لا يستفرد به الاحتلال، فأطلقوا حينها ما عرف باسم “مسيرة البيارق” و”قوافل شد الرحال”، لنققل المصلين من مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل إلى المسجد الأقصى بشكل يومي، عبر باصات خصصت لهذا الغرض، فكان لها أثر إيجابي مباشر في إحياء الأقصى، وإنعاش الحياة الاقتصادية بالبلدة القديمة في القدس.
وجاءت ثاني مراحل مسيرة الرباط في الأقصى بتأسيس حلقات “مصاطب العلم”، حين رعت الحركة الإسلامية في الداخل عام 2008 إقامة 36 حلقة/مصطبة علم داخل المسجد، بحيث تستقبل الراغبين بتلقي العلم الشرعي، من قرآن وقراءات وفقه وسيرة وسنة، عبر دورات علمية منهجية، من مختلف الأعمار، تطورت بشكل تدريجي حتى وصل عدد منتسبيها إلى 1200 طالب عام 2011، شكّلوا حلقات علم دائمة الحضور والمرابطة داخل المسجد، ومن خلالها كانوا يتصدون للمقتحمين ويحاولون طردهم رغم ما كانوا يلاقونه من اعتداء ومشاق.
كان العام 2015، عام الحرب الإسرائيلية المعلنة على المرابطين، فأصدرت مخابرات الاحتلال يوم 23 آب/ أغسطس 2015، قائمة تضم أسماء نحو (20) مرابطة من النساء المقدسيات، ثم زادت القائمة لتضم 55 اسما، باتت تعرف في أوساط الناشطين بـ “القائمة الذهبية”، حرم جميع المرابطات الواردة أسماؤهن فيها من حقوقهن في دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه، كما أصدر وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون، في الشهر نفسه، قرارا باعتبار المرابطين والمرابطات منظمة محظورة، وذلك بناء على توصية من شرطة الاحتلال و”جهاز الأمن العام”، “معتبرا إياهم عاملا رئيسا في خلق التوتر والعنف.. وتقويض سيادة إسرائيل على المسجد الأقصى المبارك”!!. الأمر الذي يعكس عنجهية الاحتلال وفرضه الوقائع على الأرض رغم مخالفتها للمنطق، فيصبح – حسب القرار- تواجد المصلين المسلمين في مسجدهم عامل توتر وعنف، بينما يعتبر اقتحام الجنود والمتطرفين للمسجد الأقصى لا يؤدي إلى ذلك!
لكن حظر الرباط وتجريمه من الاحتلال لم يمنع المرابطين والمرابطات من الاستمرار في وجودهم ومرابطتهم على أبواب الأقصى، وأدوا دورا فارقا في هبة باب الأسباط، في يوليو 2017، وذلك أنهم قادوا الاعتصامات على أبواب الأقصى، فتوسع مفهوم الرباط وانضم لهم الآلاف من أهل مدينة القدس ومن استطاع الوصول إليهم من أهالي مناطق 1948، وقد نجح الاعتصام في كسر إرادة الاحتلال وإعادة الوضع في الأقصى كما كان سابقا، وحققوا الانتصار بدخولؤ المسلمين إلى الأقصى دون المرور بالبوابات الإلكترونية (كاشفات المعادن) التي أراد الاحتلال فرضها على مداخل الأقصى كممارسة جديدة لفرض السيطرة والتحكم في المسجد الأقصى.
أهمية المرابطين ودورهم.
تكمن أهمية الرباط في عدم ترك المسجد الأقصى خاليا من المصلين والزائرين، خصوصا أوقات الصباح وبعد الظهر، أو أوقات الأعياد اليهودية، حيث تكثر أعداد المقتحمين واعتدائاتهم، وتتعدد محاولاتهم إقامة الصلوات التلمودية داخل الأقصى، فيكون دورهم التصدي لهم في تلك الأوقات ومحاولة منعهم، للحيلولة دون فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، الذي يسعى الاحتلال لتثبيته واقعا على الأقصى، مثلما فعل مسبقا في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، وبرباطهم في الخط الأول على جبهة الدفاع عن الأقصى، ينوبون عن ملايين العرب والمسلمين.
ويكون الرباط في الأقصى بتحقيق وجود إسلامي دائم فيه دفاعا عنه وحماية له واحتراما لمكانته. ولذلك يضطر المرابطون إلى ترك أعمالهم ووظائفهم للتفرغ لهذه المهمة، وبعضهم جعل الرباط عمله وجهاده الدائم في المسجد الأقصى. ويكون تصديهم للاقتحامات بأيديهم الفارغة وصدورهم العارية، فضلا عن حناجرهم التي تصدح بالهتاف والتكبير “الله أكبر” في وجه المقتحمين والمعتدين.
حقق المرابطون نتائج ملحوظة على هذا الصعيد، فبالإضافة إلى عرقلة مشروع التقسيم، والتصدي للاحتلال، والنيابة عن الأمة في هذا الخط الدفاعي المتقدم، تحول المرابطون والمرابطات إلى أيقونة، ومصدر إلهام واستنهاض لكثير من الناشطين في العالم، بثباتهم وإصرارههم على الارتباط بالأقصى رغم ما يلاقونه من ملاحقات وإيذاء بدني واعتداءات واعتقالات، كما برزت من بين المرابطات أسماء عديدة نجحن في نقل أخبار الأقصى والتطورات هناك، كما نقلوا رسالة الأقصى سواء بحضور المؤتمرات الدولية واللقاءات العامة أو باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن اعتبار الشيخ رائد صلاح، رائد المرابطين وقائدهم، إذ قد كرس حياته ووقته وجهده من أجل الأقصى وهو الآن في المعتقل، وبرزت أمثلة أخرى من المرابطين مثل الشيخ كمال الخطيب وغيره من قادة الحركة الإسلامية، ومن المرابطات المرابطين: خديجة خويص، وهنادي حلواني، وزينة عمرو، وسحر النتشة، وسميحة شاهين، وأم إيهاب الجلاد، وغيرهم الكثير الذين سنسعى أن نوثق تجربتهن عبر أقصى بيديا.
استهداف الصهاينة للمرابطين.
ازدادت وحشية الصهاينة في التعامل مع المرابطين واستهدافهم نظرا لتعاظم دورهم في الدفاع عن الأقصى وعرقلة مخططات تقسيمه، فكانوا عرضة لأنواع متعددة من الحرب عليهم، وأمكن رصد الإجراءات التالية ضدهم:
- حظر الرباط واعتباره جريمة قانونية.
أصدر وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون، في أغسطس 2015، قرارا باعتبار المرابطين والمرابطات منظمة محظورة، وذلك بناء على توصية من شرطة الاحتلال و”جهاز الأمن العام”، “معتبرا إياهم عاملا رئيسا في خلق التوتر والعنف.. وتقويض سيادة إسرائيل على المسجد الأقصى المبارك”!!. الأمر الذي يعكس عنجهية الاحتلال وفرضه الوقائع على الأرض رغم مخالفتها للمنطق، فيصبح – حسب القرار- تواجد المصلين المسلمين في مسجدهم عامل توتر وعنف، بينما يعتبر اقتحام الجنود والمتطرفين للمسجد الأقصى لا يؤدي إلى ذلك!
- الإبعاد عن المسجد الأقصى.
وهو إجراء قاس تتبعه شرطة الاحتلال ضد المرابطين والمرابطات يقوم على حرمانهم من الحق في العبادة ودخول الأقصى، وتم فرض الحظر على العشرات منهم، ومن الأمثلة على ذلك، حين أصدرت مخابرات الاحتلال يوم 23 آب/ أغسطس 2015، قائمة تضم أسماء نحو (20) مرابطة من النساء المقدسيات، ثم زادت القائمة لتضم 55 اسما، باتت تعرف في أوساط الناشطين بـ “القائمة الذهبية”، حرم جميع المرابطات الواردة أسماؤهن فيها من حقوقهن في دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه، فانضموا إلى عشرات آخرين من المرابطين، الذين ورغم منعهم من دخول الأقصى يحافظون على صلاتهم ودروسهم الدينية على أبواب الأقصى. (للمزيد عن القائمة الذهبية اضغط هنا : القائمةُ الذهبيةُ” حالةٌ مفصليةٌ في تاريخِ المسجدِ الأقصى)
- منع قوافل شد الرحال
ترافق قرار حظر الرباط بقيام الاحتلال الصهيوني بشن الحرب على قوافل شد الرحال (باصات تنقل المصلين من الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى) فأوقفتها، واحتجزت الباصات ومنعتها من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وهددت السائقين بالعقوبة والغرامات الباهظة، وذلك سعيا لمنع المرابطين من الوصول للأقصى.
- الاعتقال والمحاكمة.
- الإبعاد خارج مدينة القدس (البلدة القديمة) والمنع من دخولها.
- المنع من السفر وسحب الجوازات.
- الاعتقال من داخل المسجد الأقصى بتهمة التكبير في وجه المتطرفين الصهاينة.
- الاستدعاء للتحقيق بشكل متكرر ومرهق.
- الاحتجاز لأيام دون توجيه تهمة.
- الإيذاء اللفظي والجسدي كالشتم والضرب والركل والسحل.
- حجز الهويات.
- اقتحام المنازل.
- قطع التأمين الصحي عن المرابطين وعائلاتهم.
- التهديد بالحجز على الأبناء وإيداعهم دور الأيتام.
- فرض الإقامة الجبربة في المنزل.
- فرض الغرامات المالية.